الخميس، 19 أبريل 2012

ما هو ثمن حرية العراقيين

لا أظن أحدا يدعي أن الشعب العراقي نال كامل حريته وأصبح قراره ومصيره بيده. وبالتأـكيد لا ننكر نحن ولا ينكر غيرنا إن هامشا من الديموقراطية قد تحقق وإن إنتخابات برلمانية قد جرت وأفرزت مجلس نواب وبتوافق ومحاصصة معروفة شكلت الحكومة.
ولا نريد أن نخوض في عجز الحكومة - لأسباب بعضها خارج عن إرادتها - عن تحقيق الأمن والإستقرار, أو حل مشاكل البلاد المستعصية كتردي الخدمات وإنتشار الفساد الأداري والمالي.وهذا كله معروف والأعادة فيه تبعث السأم والملل.ولكن الخلاصة والمحصلة لمسيرة تسع سنين هو بلد غارق في بحر متلاطم من التخلف والتردي, و أزمات خطيرة مفتعلة,  وصراع هائل بين الكتل السياسية المتشاركة في السلطة ,لا على مناهج وخطط وبرامج تهدف لمصلحة الشعب المظلوم, بل لمكاسب عرقية أو طائفية أو مادية.فالكل يريد الهيمنة وإلغاء الآخرين ليسهل عليه تحقيق ما يصبو إليه من طموحات غير مشروعة وغير وطنية بتاتا.ومع الأسف الشديد بلدنا يدار بمراهقة سياسية وبتشنج وعداء سياسي وطائفي وعرقي.والشعب فاغر فاه مذهولا مما يجري حوله .والأمر عجيب.
وعلى أية حال فهذا أمر واقع ولمعالجته لا بد من معرفة أسبابه. والأسباب منها تاريخية موروثة من عهود ظلم سابقة.وتربية سياسية وإجتماعية وتجارب وممارسات قمعية وإستئصال لشأفة كل لسان ينطق بما يخالف رأي الحاكم.أو عقل يشتغل بهموم الناس, ويدعو للأصلاح والتغيير نحو الأحسن.عوامل كثيرة ومنذ الحجاج بن يوسف الثقفي وليومنا هذا أدت لذلك . فالكلمة الحرة مهانة وقد تتلجلج في أفواه دعاة الأصلاح. والتخويف والأرهاب والقمع بأشكال متعددة وصيغ وممارسات منها سلطوي, ومنها مجتمعي قبلي كان أو ديني, قومي كان أو طائفي, وربما سياسي أومحلي أو دولي,يلجم
 الألسن.فكلمة الأمة وقرارها مغيب وحريتها مزورة لصالح حكام أو قوى ظلامية لا تريد للشعب أن يتنسم الحرية ويمتلك القرار.لتأمن إستمرارية تربعها على كرسي السلطة ,وتسخير موارد البلاد لمصالحها.
لسنا هنا لتوجيه لوم للحكومة أو الكتل التي تتشارك معها أو لمجلس النواب.ولكن بما إن الكل متفق وبلا إستثناء إن الحالة غير مرضية وإن أمن البلاد مفقود ومالها مستباح والمشاكل تتفاقم يوما بعد آخر وبشكل تصاعدي .وإن الحل والحال على ماهي عليه مستحيل .إذن لا بد من إيجاد سبل للحل العاجل والناجح والمتفق عليه.
والبداية هي من يضع الحل ومن يبدأ مسيرة الأصلاح والتغيير وكيف؟ والكل يدعي هو الأعلم وهو الأكثر وطنية وهو الأصلح وهو من حاز على رضا الشعب وإن الشعب إختاره لتولي زمام أمره وإن الآخرين بعيدون عن الشعب. ولا يعملون لصالحه. والكل يتهم الكل بالعمالة والفساد وربما بالخيانة والضلوع بالأرهاب.
ولكن لو سأل كل  مسؤول نفسه لماذا من حاز على 180 أو مائتي صوت يحتل مقعدا في مجلس النواب ومن حاز على الآلاف خارج قبة البرلمان ؟ولماذا من حاز على ثلاثة آلاف صوت أصبح  نائبا لرئيس الجمهمورية وحميد مجيد سكرتير الحزب الشيوعي الحائز على 9500 صوت خارج البرلمان, ولا يمثل أحد؟فبأي قانون وبأي شريعة وبأي منطق نحكم وبأي حق يدعي التمثيل للشعب من هو في الحكومة أو مجلس النواب اليوم؟وهل لهذا مظلة شرعية؟
يبدأ التغيير من مجلس النواب.لأنه المخول بتغيير الدستور.ومجلس نوابنا الحالي مهمش لا يستطيع هذا. ولا يتمكن من  إتخاذ قرار ستراتيجي هام . لأنهم أتباع لرؤساء الكتل المتخاصمين المتعادين تقريبا وقد ثبت عجزه عن التصدي لأي أمر هام.
إذن لا بد من قانون إنتخابات عادل منطقي ليتشكل برلمان جديد يتمكن من تعديل الدستور.لتبدأ مسيرة الأصلاح. فما هو الثمن الذي يطلبه السياسيون ليمنحوا الشعب العراقي حريته فيغيروا قانون الأنتخابات  ويرفعوا الوصاية عنه ويفكوا أساره. لينتخب مجلس نواب يمثله ويبدأ  هذه المسيرة ؟ ويشرع قانون إنتخابات عادل منطقي . أم إن هذه تستحيل؟
لا شك إن هناك ثمن مطلوب .فما هو الثمن؟ألم يكفهم تسع سنين من الهيمنة وتجيير قرار الشعب لصالحهم وصالح مريديهم والحواري, وإستغلال الدولة ومواردها وكل إمكانياتها لهم ولمن يقربهم للدرجة العاشرة, وحرمان الشعب من خيرات بلده ؟ألم تكفهم تسع سنين من القتل والتفجير والأرهاب؟أما آن الأوان أن يعترفوا بأنهم لا يتمكنون من توفير الأمن للمواطن لا بل هم السبب في تدهور أمن البلاد وفقر 
العباد.هل يعتقد السياسيون المتربعون على سدة السلطة إن الشعب يسبقى صامتا الى الأبد؟ أم أن شيئا ما لا بد أن يحصل ؟
الحكمة مطلوبة للتفتيش عن الحل. وهو ترك الشعب يقرر مصيره بصدق دون لعبة سياسية, وتآمر إقليمي أو دولي.وإلا فإن الشعب سيدفع ثمن حريته صاغرا  محتسبا أسوة بالشعوب.
من الحكمة والعقل أن يتدارك السياسيون و المسؤولون الأمر,فقد كفاهم ما كفاهم من تسع سنين تنعموا فيها بكل النعم والجاه والثروة.ولتكن تجارب المحيط العربي وثورات الشعوب درسا بليغا لهم.فلكل شيء نهاية ولكل أجل كتاب.
وليعيدوا الكرة للشعب ليقرر بشفافية وقوانين إنتخاب منطقية عادلة, ليتشكل مجلس نواب جديد قوي متماسك قادر على تأليف حكومة قوية مقتدرة لا حكومة محاصصة ضعيفة.لتبدأ صفحة جديدة مشرقة يكتب بها الشعب العراقي مستقبله ويقرر مصيرة دون عنف وإرهاب وتزوير للحقائق.فما عاد الحال يحتمل.فقد دفع الشعب الكثير والكثير ونابه الأكثر من ظلم وقهر وتجويع,وآن له أن يستريح فليكن ذلك بيسر,فالأمر بيد الكتل السياسية وهيّ من يختار , وعليها أن تختار بين الشعب من جهة وبين مطامعها من جهة أخرى.وإلا فليخبروا الشعب ما هو الثمن المطلوب ليفكوا أسار الشعب ويمنحوه حريته؟؟

هناك تعليقان (2):

  1. عزيزي ابو انس المحترم ..
    ان تشخيصك للوضع العراقي منطقي يبعث على الارتياح ونحن نخوض في خضم هذا التكالب على المال والسلطة في ظروف مأساوية لغالبية الشعب العراقي فيما تربع السياسيون على كراسيهم واستغلوا مناصبهم وتمددوا على حساب الاخرين باستغلال المال العام ...
    شكرا لجهودك للوصول الى حل لمشاكلنا العالقة

    ردحذف